مخاوف الجزائر من ضعف الحضور الوازن في قمّة الدول المُصدّرة للغاز يدفعها لإحراج رؤساء الدول بدعوات استثنائية
تُسارع الجزائر خطواتها لتحسين العلاقات مع دول الجوار والخروج من حالة العزلة الاقتصادية والسياسية الناتجة عن توتر علاقاتها الإقليمية مقابل توطّد علاقات منافسها الأول الرباط مع مجموعة دول الساحل بما فيها موريتانيا، التي خصّ قصر المرادية رئيسها ولد الشيخ الغزواني بدعوة استثنائية لحضور أشغال منتدى الدول المصدرة للغاز، الذي تحتضنه العاصمة الجزائرية في الفترة الممتدة مابين 28 فبراير و2 مارس المقبل، بعد مُضي أيام قليلة فقط على وفاة حارسه الشخصي فوق الأراضي الجزائرية في حادثة سير.
ويبدو أن مخاوف قصر المرادية، من ضعف مُشاركة وحضور زعماء الدول الأعضاء والمراقبين بدأت تتصاعد في الأيام القليلة الماضية، الأمر الذي دفع الحكومة الجزائرية إلى النزول بكل ثقلها الدبلوماسي لضمان مشاركة أكبر في منتدى الدول المصدرة للغاز، من خلال دعوة العديد من الشخصيات السياسية والعمومية في البلد وخارجه.
وبحسب ما كشفته مصادر دبلوماسية، لصحيفة "أنباء أنفو" الموريتانية والمعروفة بقربها من دوائر الحكم، فإن الجزائر وجهت طلبا خاصا باسم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، لنظيره الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، من أجل حضور المنتدى بصفة شخصية سيّما وأن بلاده نالت عضوية النادي بصفة مراقب مؤخرا.
ودعا تبّون نظيره الموريتاني، إلى المشاركة شخصيا في القمة بعدما كانت نواكشوط قد حسمت في أن يرأس الوفد الموريتاني إلى قمة النادي وزير النفط والطاقة النانى ولد اشروقة، بيد أن الأمور تغيرت الآن وفق المصادر الدبلوماسية المذكورة، التي كشفت عن وصول الرئيس ولد الشيخ الغزواني يوم 2 مارس 2024 إلى الجزائر على رأس وفد بلاده المشارك فى قمة نادي الدول المصدرة للغاز.
ولم تكتف الحكومة الجزائرية، بتوزيع دعوات الحضور على قادة الدول المعنية بالدرجة الأولى بالمنتدى، بل قادت حملة إعلامية بصبغة سياسية لجذب الاهتمام بأشغال قمة "نادى الدول المصدرة للغاز"، كما وجّهت وسائل الإعلام المُمَوَّلَة إلى تغطية كافة تفاصيل القمة، ومواكبة الأخبار المتعلقة بها قبل وخلال انعقادها، مع توفيرها كافة الظروف والشروط المادية واللوجيستيكية لضمان حضور إعلامي تبتغيه أن يكون ضخما.
وتأسس منتدى الدول المصدرة للغاز عام2001، وهو منظمة حكومية دولية تضم 19 دولة منتجة للغاز توفر إطارا لتبادل الخبرات والمعلومات بين الدول الأعضاء فيها.
ويسعى المنتدى، الذي يضم الدول الرائدة في تصدير وإنتاج الغاز إلى بناء آلية لحوار هادف بين منتجي الغاز ومستهلكيه من أجل تحسين استقرار وأمن العرض والطلب في أسواق الغاز حول العالم، فيما تتوزع عضوية هذه الدول بين 12 دولة عضو أساسي و7 دول بصفة مراقب.
ويتمثل الأعضاء الأساسيون في المنتدى، في كل من روسيا، الجزائر، بوليفيا، مصر، غينيا الاستوائية، إيران، ليبيا، نيجيريا، قطر، ترينيداد وتوباغو، الإمارات العربية المتحدة وفنزويلا، فيما الأعضاء المراقبون هم العراق، وأنغولا، وأذربيجان، وماليزيا، وموزمبيق، وبيرو، وموريتانيا، بحسب الموقع الرسمي للمنتدى.
ويتمتع المنتدى بمكانة مهيمنة في أسواق الطاقة العالمية وبين منظمات الطاقة الدولية. وتمثل هذه الدول مجتمعة 69% من احتياطيات الغاز العالمية، و39% من الإنتاج المسوق، و40% من صادرات الغاز العالمية، علاوة على ذلك، تمثل الدول الأعضاء في المنتدى مجتمعة أكثر من نصف صادرات العالم من الغاز الطبيعي المسال (51%).
وتراهن الجزائر بشكل كبير على أشغال المنتدى لتقوية علاقاتها بالدول الأعضاء المصدرة للغاز، وهو ما عبّر عنه صريحا وزير الطاقة والمناجم الجزائري، محمد عرقاب، لوكالة أنباء بلاده في وقت سابق، معتبرا أن احتضان الجزائر للقمة السابعة لرؤساء وحكومات منتدى الدول المصدرة للغاز، يعكس ما وصفه بـ "دور الجزائر الهام في المنتدى و على الساحة الطاقوية العالمية، في ظل سياق يتميز بالأهمية الجوهرية للغاز في الأمن الطاقوي".
وأشار المسؤول الحكومي الجزائري، إلى "إعلان الجزائر"، الذي سيتوج يوم القمة في 2 مارس المقبل، مؤكدا أن "الأمر يتعلق بالنسبة للجزائر بصفتها عضو مؤسس لمنتدى الدول المصدرة للغاز، بالمساهمة مع البلدان الأعضاء في هذه المنظمة برسم المستقبل الطاقوي كمدافع عالمي على الغاز الطبيعي و أرضية تعاون وحوار"، وأن الهدف المتوخى فيتمثل في "دعم الحقوق السيادية للبلدان الأعضاء على مواردهم من الغاز الطبيعي والمساهمة في التنمية المستدامة والأمن الطاقوي العالمي".
وشدّد عرقاب، على أن إعلان القمة سيشكل الوثيقة الأساسية للحدث، وسيعكس الرؤية و الموقف المشترك للمنتدى حول مختلف المسائل المرتبطة بالغاز، على غرار دور الغاز في الانتقال الطاقوي وأهمية المنشآت الغازية والاستثمارات وترقية الغاز كمورد طاقوي نظيف و موثوق وكذلك تعزيز التعاون الغازي و الحوار مع أطراف أخرى فاعلة.
وكان المسؤول الجزائري، قد تعهّد بأن تشهد القمة التي ستجري على مستوى المركز الدولي للمؤتمرات "عبد اللطيف رحال"، حضورا وازنا بمشاركة رؤساء دول ووزراء ومسؤولين كبار في البلدان الأعضاء الجزائر و بوليفيا ومصر وغينيا الاستوائية وإيران وليبيا ونيجيريا وقطر وروسيا وترينيتي و توباغو والإمارات العربية المتحدة و فنزويلا، إلى جانب البلدان الملاحظة في المنتدى.
ومن المهم الإشارة، إلى أن القمة إطلاق الطبعة الجديدة من توقعات الغاز العالمية 2050 للمنتدى، النشرية السنوية للمنتدى، والتي تتضمن تحليلا كاملا عن الأسواق الغازية العالمية و الإقليمية و كذلك دور الغاز الطبيعي في الانتقال الطاقوي، فضلا عن التوقيع على مذكرات تفاهم بين منتدى الدول المصدرة للغاز ومنظمات دولية وإقليمية هامة.
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :